بيان المجمع الفقهي العراقي يدعو المواطنين إلى المشاركة في الانتخابات 2021 العراقية

فقد كان الشعب العراقي يأمل في التغييرات التي تداعت بعد ۲۰۰۳م أن تقوده إلى حياة تسودها العدالة والمساواة والازدهار، وعدم استتثار فئة أو طرف بالسلطة والثروة على حساب أطراف وفنات أخرى، ولكنه أصيب بخيبة أمل كبيرة، فما وقع كان استشراء الفساد في جوانب الحياة المختلفة، على توالي السنوات وتعاقب الحكومات، حتى تردي العراق إلى ذيل قائمة الدول بسبب دماره ونهب ثرواته، وبؤس أحواله، وضياع مستقبل أجياله، فكان لزاما علينا في المجمع الفقهي العراقي ومن منطلق المسؤوليتين الشرعية والوطنية وبما تمليه صفته المرجعية ومكانته الدينية أن يبين رؤيته لأبناء شعبنا فيما يتعلق بالانتخابات النيابية التي ستجري في تشرين الأول/ ۲۰۲۱، على وفق النقاط الأتية ،

1. إن الانتخابات في أصلها وسيلة معاصرة لنقل السلطة وتداولها في إدارة الدولة 

2. الانتخابات حق ضمنه الدستور العراقي للمواطنين، وإن التنازل عنه، وعدم ممارسته يفضي إلى جملة مفاسد ومخالفات لا يرتضيها الشرع الحنيف الذي جاء لإصلاح الناس في الحال والمال.

 3. إن العزوف عن المشاركة وعدم اختيار الأصلح في الانتخابات المقبلة في حقيقته إقرار ببقاء الظلموالفساد بل يؤدي إلى تفاقمه وانتشاره . 

4. إن الانتخابات التي انحصرت بها وسائل التغيير المتاحة، وتمثل امتدادا لمطالب المتظاهرين المطالبين بالإصلاح، تقتضي المشاركة الفاعلة، وتحري المرشح (الصادق) في أقواله، (الخبير) في أفعاله، (الغيور) على بلده، (الأمين) في أداء مسؤولياته، (القوي) على استحصال الحقوق المشروعة لمن انتخبوه، استهداء بقول الله تعالى: (إن خير من استأجرت القوي الأمين)

6. الناخب شاهد ومزكي لمن ينتخبه، فلا يكن شاهد زور، وعليه فلا يجوز انتخاب من ثبت فساده او ظلمه أو فشله في أداء المسؤولية، وتجلى ضعفه فلم يكن له موقف صادق ولا أثر فعال في ملف النازحين، والمغيبين، والمعتقلين من غير محاكمة ولا حسم لقضاياهم، كما لا يجوز انتخاب من استغل منصبه لتحقيق مآربه الشخصية والفئوية، وأثري ثراء فاحشة في ظل السلطة 

7. إن حيازة بطاقة الناخب تضمن عدم استغلالها، وتحفظ حق صاحبها مهما كان موقفه من العملية السياسية؛ لذا ينبغي الحرص على حيازتها وعدم التفريط بها. ولا يجوز بيع أو شراء بطاقة الناخب وثمنها من السحت الحرام؛ لأنها تفضي إلى استحواذ الفاسدين من ذوي المال السياسي والنفوذ على الأصوات الكثيرة، وفيه إعانة على الإثم والعدوان، وتهاون في أداء الشهادة وإضاعة للأمانة وتفريط بالمسؤولية، ويفتح أبوابة الرشوة والغش والتزوير، وكل ذلك مجمع على حرمته، وفيه زيادة في الفساد وتقوية للمفسدين، وإن الحرص

على حيازتها وسيلة تمنع من استغلال الفاسدين لها. 

8. إن مما يشجع على المشاركة الفاعلة ضرورة الأخذ بكل الإجراءات الاحترازية المهنية المعتمدة دولية التي تضمن نزاهة عملية الانتخابات في مراحلها كافة وتحد من التلاعب بنتائجها.

وختاما يؤكد المجمع الفقهي العراقي أن العراقيين جميعا يتحملون مسؤولية الاستقرار والازدهار، بعد سنوات الظلم والفساد والعنف والإرهاب والدمار، وتغيير أحوال الناس لا يكون مصادفة ولا اتكالا بل بناء على ما يغيره الناس من أحوالهم وتصرفاتهم واختياراتهم، قال تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (الرعد: ۱۱)، ونبتهل إلى الله تعالى أن يصلح لنا شأننا كله ولا يكلنا إلى من لا يخافه فينا ولا في بلادنا؛ ولا يرحم شعبنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.