شهد عام 2023 بداية جيدة لعملة البيتكوين حيث أضافت ما يقرب من 40% منذ بداية العام، على الرغم من المخاوف المتزايدة من "الانهيار المالي العالمي الكارثي".
ارتفع سعر البيتكوين إلى مستويات عالية لم نشهدها منذ أواخر أغسطس مما أدى إلى محو الخسائر التي تكبدتها العملة في أعقاب انهيار بورصة العملات المشفرة FTX، على الرغم من "العدوى" التي ضربت شركات التشفير الكبرى الأخرى، فبعد أشهر فقط من انهيار بورصة FTX في نوفمبر أعلنت شركة Genesis عن افلاسها هي الأخري.
وفي الوقت نفسه، تجاهل المستثمرون المخاوف بشأن فرض قيود تنظيمية أمريكية، حيث تأثرت الأصول الرقمية بشكل طفيف بحملة أمريكية صارمة على منتجات العملة المشفرة وقرار منظم في نيويورك بإيقاف إصدار BUSD وهو ثالث أكبر عملة مستقرة.
ما أسباب الارتفاع الحالي لعملة البيتكوين؟
معظم الأسواق تميل إلى الأداء الجيد في يناير حيث اندفع مديرو الصناديق لاستثمار الأموال في بداية العام، في الواقع لقد ارتفعت معظم الأصول الخطرة حتى الآن هذا العام مع انتعاش ثقة المستثمرين، وسجل مؤشر ناسداك المركب ذو التقنية العالية مكاسبًا بنسبة 8.8% بينما حققت عملة البيتكوين مكاسب بنحو 40%.
قد يعود ارتفاع سعر العملة بشكل غير متوقع في يناير إلى اضطرار بعض البائعين على المكشوف إلى إغلاق مراكزهم وشراء عملة البيتكوين مما دفع سعرها إلى الأعلى بعد انهيار الأسعار في شهر نوفمبر، ومن جهة أخري، تراجع الخوف والذعر في سوق تداول العملات الرقمية بشكل طفيف في يناير حيث أظهرت عدة إشارات في سوق المشتقات عودة الاهتمام المؤسسي، فالسعر الفوري للبيتكوين أقل من أسعار العقود الآجلة مما يدل على أن المتداولين يعتقدون أن سعر البيتكوين سيرتفع، وفقًا لبيانات من العديد من البورصات.
بالإضافة إلى ذلك، هناك المزيد من خيارات الشراء للتداول في السوق أكثر من خيارات البيع مما يشير إلى ارتفاع في المعنويات الصعودية، تتيح خيارات الشراء للمتداولين شراء أصل بسعر محدد مسبقًا، بينما تتيح خيارات البيع للمتداولين بيع أصل بسعر محدد مسبقًا.
يمكن أن يكون السبب في ارتفاع أسعار العملات الرقمية أيضًا الرهانات على أن البنك الاحتياطي الفيدرالي سيبطئ من وتيرة رفع سعر الفائدة خلال هذا العام، الأمر الذي جعل الأسواق بيئة خصبة لنمو الأصول ذات المخاطر العالية مثل الأسهم والعملات الرقمية.
ولكن هل التاريخ يعيد نفسه؟
ارتفع سعر البيتكوين بنسبة 40% تقريبًا منذ بداية العام، وهو حاليًا في وضع يمكنه من تحقيق مستوى مرتفع جديد إذا كانت النتائج التاريخية مؤشر على الأداء المستقبلي، حيث يشبه الارتفاع الأخير في عملة البيتكوين الانتعاش الصعودي الذي حدث في منتصف عام 2019.
في ذلك الوقت تقريبًا، خفف البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من سياسة التشديد منذ أربع سنوات، مما أفسح المجال لإحياء صعود عملة البيتكوين الصاعد الذي شهد ارتفاع الأسعار بنسبة 250% تقريبًا.
يأتي الانتعاش الحالي في الوقت الذي يقترب فيه الاحتياطي الفيدرالي من اختتام دورة تشديد السيولة الخاصة به، والتي عصفت بالأصول الخطرة بما في ذلك العملات المشفرة، وبعد ركود استمر لمدة عام أدى إلى خفض سعر البيتكوين بنسبة 68% قبل أن يدخل مرحلة التوحيد المطولة.
عام 2022 لم يسير على الاتجاه المتوقع
لا يزال الغموض يسيطر على الأسواق المالية حيث تدفع السياسات النقدية للبنوك المركزية الاقتصاد العالمي إلى الركود لتهدئة التضخم، من الواضح لأي شخص أن عام 2022 لم يسير على النحو الذي كان يأمله حاملو العملات المشفرة، حيث اختفت أكثر من 2 تريليون دولار من إجمالي القيمة السوقية للعملات المشفرة بينما شهدت عملة البيتكوين انخفاض سعرها من 69000 دولار إلى 15599 دولار في أوائل نوفمبر.
في حين كان هناك الكثير من الأمل في أن يحقق العام أعلى مستوياته على الإطلاق في سوق العملات الرقمية بفضل تدفق المستثمرين المؤسسيين، فإن انهيار Terra / Luna و FTX أعاق أي نمو حيث أشعلوا أحداث عدوى انتشرت عبر نظام التشفير البيئي مثل حرائق الغابات، ومن المحتمل أن يستمر هذا الضعف إذا استمرت عدوى الانهيارات هذه في الظهور.
وقد يستمر الاقتصاد والبيتكوين في المعاناة في الوقت الحالي بالتزامن مع الزيادات الأخيرة في أسعار الفائدة والتضخم، لهذا قد يستغرق السوق بعض الوقت للتعافي.
كما أدى عدم وجود أي حركة كبيرة على الجبهة التنظيمية إلى إعاقة إمكانية النمو، حيث ستبقى غالبية الصناديق المؤسسية خارج سوق العملات المشفرة حتى يتم وضع لوائح واضحة ويكون لدى مديري الأموال إحساس أفضل بالمخاطر التي تنطوي عليها، ولكن من المتوقع أن المشهد التنظيمي يمكن أن يتغير هذا العام حيث ستدفع تداعيات انهيار العملة المشفرة في عام 2022 المشرعين والسياسيين إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات وإنشاء لوائح أقوى، وهذا من شأنه سيفيد سوق العملات المشفرة لأن اللوائح الأكثر صرامة تعني عادة اتجاهًا تصاعديًا في مصلحة رواد الأعمال والشركات للاستثمار والبناء في هذا المجال.
جولدمان ساكس يصنف البيتكوين كأفضل الأصول أداءً لعام 2023
قام بنك جولدمان ساكس العملاق بتسمية البيتكوين كأفضل الأصول أداءً في العالم في عام 2023، على الرغم من حقيقة أن قطاع العملات المشفرة قد واجه خسائر فادحة في عام 2022، بما في ذلك العديد من حالات الإفلاس وتحقيقات الاحتيال.
اعترف جولدمان ساكس المعارض الصريح للبيتكوين في الماضي في تقرير يغطي النصف الأول من عام 2018 أن البيتكوين تفوقت على فئات الأصول الأخرى مثل ستاندرد آند بورز 500 والذهب والعقارات وناسداك 100.
لقد تفوقت البيتكوين على مؤشر MSCI للأسواق الناشئة والأسواق المتقدمة والطاقة وتكنولوجيا المعلومات (IT) والشؤون المالية وخزانة الولايات المتحدة لمدة 10 سنوات والرعاية الصحية والمرافق والمواد والنفط الخام والسلع الاستهلاكية وغيرها الكثير، مما يجعلها تستحق بالتأكيد النظر إليها خلال هذا العام وما بعده.
ماذا بعد الارتفاع الأخير؟
على الرغم من الارتفاع الأخير، إلا أن الكثير من الخبراء يتوقعوا مزيدًا من الانخفاض لعملة البيتكوين والتي قد تتراجع إلى ما دون أدنى مستوى لها سابقًا عند 15480 دولار، كما قال أحد الخبراء أن: "أفضل التفكير في السوق الآن هو أنه ينطوي على مخاطر أكثر من الفرص".
ومن جهة أخري، لا تزال بيئة الاقتصاد الكلي مليئة بالتحديات، التي تتمثل في استمرار التضخم المرتفع والركود المحتمل على الطريق على الأقل في الولايات المتحدة، ومن غير الواضح أيضًا كيف يمكن أن يمتد إفلاس Genesis إلى شركات أخرى بما في ذلك الشركة الأم Digital Currency Group وشركتها الشقيقة Grayscale Investments التي تمتلك أكبر صندوق بيتكوين GBTC في العالم.
في غضون ذلك، بعد انهيار العديد من شركات التشفير الكبرى في العام الماضي، يمكن للجهات التنظيمية دفع السوق إلى مستويات منخفضة جديدة بسهولة.
بينما يحمل بعض الخبراء آخرين وجهة نظر مختلفة، حيث يتوقعوا أن يستمر الارتفاع مع وجود السوق في "وضع التعافي"، فهم يعتقدوا أن تأثير الانهيارات الداخلية لـ FTX و Genesis على معظم شركات التشفير الكبيرة معروف بالفعل ويتم تسعيره حاليًا.
عزيزي المشاهد لا تترك الموضوع بدون تعليق وتذكر ان تعليقك يدل عليك فلا تقل الا خيرا :: كلمات قليلة تساعدنا على الاستمرار في خدمتكم ادارة الموقع ... ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )