📁 مشاركات منوعه

قصة الحمامة العادلة وغصن الزيتون بقلم محمد طه من دولة السودان مستوحاة من رسم الاستاذة سراب عامر الحردان

قصة الحمامة  العادلة وغصن الزيتون بقلم محمد طه من دولة السودان مستوحاة من رسم الاستاذة سراب عامر الحردان

قصة الحمامة  العادلة وغصن الزيتون بقلم محمد طه من دولة السودان مستوحاة من رسم الاستاذة سراب عامر الحردان

قصة الحمامة  العادلة وغصن الزيتون بقلم محمد طه من دولة السودان مستوحاة من رسم الاستاذة سراب عامر الحردان

في قديم الزمان، في وادٍ تهادت فيه نسائم العطر وخفقات الأجنحة، كانت هناك حمامة بيضاء، تنام على غصن زيتونةٍ باسقة. عُرفت بين الطيور بحكمتها، وكانت تطوف بمنقارها حاملةً غصن زيتون، تبذر به الطمأنينة في القلوب وتجمع القلوب تحت جناح السلام.
وذات صباح، اجتمع سربان من الطيور على ضفّتي جدول ماء صافٍ، أحدهما كان من طيور الحقول، والآخر من طيور الجبل. كان كل سرب يزعم أن له الحقّ في الماء والمكان، وبدأت الكلمات تتحول إلى صياح، والعيون تتقد بشرر المنافسة.
قال زعيم طيور الجبل، وهو نسر شامخ:  
> "هذا الوادي ظلّلنا أجنحتنا عليه منذ الخريف الماضي. إن له ذكريات بين جباهنا وأعشاشنا."
وردّ قائد طيور الحقول، وهو طائر الحجل:  
> "لكننا سقينا الزهر من مائه، ودفّأنا البيض على ضفافه. لا حق لكم فيه أكثر منا!"
ارتفعت الأصوات، وبدأ الجدول يعكس صراعًا لا صفاء. وحين أوشكت المناقير أن تُشهر كالسيوف، حطّت الحمامة بهدوء بين السربين، تحمل غصن الزيتون، وقالت:
> 🕊️ "أما علمتم أن الأرض لا ترث العداء، وأن الماء لا يحمل الحقد؟ تقاسموا النعمة، فالسماء تتّسع للجميع."
سكنت الريح، وانحنى النسر والحجل، واستجاب الجمع لنداءها، وافترق الفريقان بسلام.
لكن ما لم تلاحظه الطيور، هو عينٌ تراقب بين الأغصان. كان طائر الوقواق، الذي لا يبني عشًا ولا يطعم فرخًا، بل يضع بيضه في أعشاش غيره خلسة. حمل معه هذه المرة لا بيضة، بل كلمة، وراح يُطلقها كما تطلق الحيّة سمّها الناعم.
في ظلال الليل، طار الوقواق إلى طيور الجبل، وهمس:
> 🐦 "سمعت الحجل يقول: ما النسر إلا متعالٍ بجناحيه، لا يعرف قيمة الأرض... هل تُصدقون أنه يحترمكم؟"
ثم ذهب إلى طيور الحقول، وقال للبلابل:
> 🐦 "النسر كان يخطط لأخذ جهة الشرق كلها، بحجة حمايتكم. إنه يرى فيكم طيورًا ضعيفة لا تجرؤ على الطيران فوق المنحدرات."
ثم حطّ قرب عش الحمامة، قائلاً بلحنٍ حزين:
> 🐦 "سلامك جميل، أيتها الحكيمة، لكن بعض الطيور تراه ضعفًا... ألم تسمعيهم؟ يقولون إن من يحمل غصنًا لا يحمل قرارًا."
ارتبكت الحمامة للحظة، لكنّها أجابت بثقة:
> 🕊️ "غصن الزيتون لا يضعف من يحمله، بل يُظهر من لا يتحمّله."
ومع مرور الأيام، عاد التوتر يتسلل بين السربين. تساءل البعض:  
"هل النسر يخطط؟ هل الحجل يخفي نوايا؟"
وقبل أن ينفجر النزاع مجددًا، طلبت الحمامة اجتماعًا عامًا لكل الطيور. جاء الجميع، ومن بينهم الوقواق، وقد وقف في الخلف، يبتسم في صمت.
قالت الحمامة:
> 🕊️ "لقد سمعتُ ما تنقلونه. ولكنّي لم أسمع أحدًا يسأل: من قال؟ متى؟ لماذا الآن؟  
> إن الفتنة لا تبدأ من منقار، بل من أذن تستقبل كل ما يُقال دون حُسن ظن."
ثم التفتت إلى الطيور وسألت:
> 🕊️ "من أشعل الريبة بينكم بعد أن كنتم إخوة ماء وغناء؟ أليس من لم يكن بينكم يوم المصالحة؟"
حينها نظرت العيون خلفها، فبحثت عن الوقواق... لكنه كان قد غاب، كعادته، يرحل قبل أن يحترق بالغضب الذي أشعله.
ومنذ ذلك الحين، تعلمت الطيور أن لا تستمع لكل من يأتي هامسًا في الظلال، وأصبحت تقول:
> "لسنا طيور حرب، بل طيور سلام. وغصن الزيتون لا يُحمل في منقار الحمامة فقط، بل في قلوب من تحب النور وتكره الهمس في الظلام

معلومات مصدر القصة 
الكاتبة : الاستاذ محمد طه من دولة السودان

تعليقات