ثمن الصداقة الزائفة: حكاية غسان والظلم الذي أودى بحياته
الصاحب الساحب: نهاية مأساوية لثقة في غير محلها
يقول صاحب القصة: "أنا اسمي غسان, أنا ما كنت ولد سيئ ولا أفكر بالشر, لكني انظلمت وانظلمت كثير وعمري ما راح أسامح أصحابي, لا لا لا, هذولا مو أصحاب, هذولا ناس بدون رحمة, ما عندهم رحمة في هذه الحياة ولا مشاعر".
نشأت في بيت كل شيء محسوب فيه بدقة, أبويا كان موظف في واحدة من أرقى الشركات, كان شخص منضبط, دقيق في مواعيده, يكره العشوائية والفوضى, حياته كلها عبارة عن جدول صارم, كل شيء له وقت وكل شيء لازم يكون مثالي. كان أبويا من نوعية الأشخاص اللي يلبس نفس الساعة كل يوم, يطلع من البيت بنفس الدقيقة, وإذا تأخرت دقيقتين, نظراته لحاله تكفي إنك تعرف إنك سويت مصيبة.
أما أمي كانت الوجه الثاني للعملة, حنونة, تحب تضحك, تحاول تكسر الجمود اللي أبويا غرقنا فيه, كانت تحاول تعوضنا بأي طريقة, كانت تحاول تخلي البيت مكان نرتاح فيه بس الحقيقة أبويا كان هو اللي متحكم بكل شيء حتى مزاج البيت. أنا كنت الأوسط بين إخواني, أخويا الكبير "آسر" كان نسخة من أبويا, حياته كلها التزام, دراسة, شغل, نجاح, وكأن الحياة مبرمجة عنده على نظام مستحيل يتغير, الناس كانوا يشوفونه المثال اللي المفروض أقتدي فيه, لكن أنا كنت أشوفه إنسان عايش بقفص, حتى لو قفصه كان من ذهب.
أما أخويا الصغير "سجاد" كان شخص هادئ, يعرف كيف يرضي أبويا من غير ما يخسر راحته, يوازن بين كل حاجة, لا هو المثالي مثل آسر ولا هو المتمرد مثلي. أما أنا, كنت أشوف الحياة بطريقة مختلفة, ما كنت مقتنع إن كل شيء أبيض وأسود, كنت أشوف الفرص اللي ما حد ينتبه لها, الأماكن الرمادية اللي الناس يتجاهلونها, كنت أراقب, ألاحظ, أفهم الناس, وأعرف متى يكذبون, متى يخافون, متى يضعفون. ومع الوقت صار عندي مهارة, مهارة بتفيدني بعدين بس بطريقة ما حد يتوقعها, كنت أعرف كيف أقرأ الناس, كل حركة, كل نبرة, كل صوت, كنت أفهمها بدون ما يتكلم الشخص, كنت أعرف متى الشخص يكذب, ومتى يتوتر, ومتى يكون واثق من نفسه.
يمكن هذا الشيء كان فيني فضول في البداية بس مع الوقت صار أكثر من مجرد ملاحظة, صار سلاح. كبرت في بيت كله قوانين وما كان في حرية. أبويا كان يشوف أي خطوة خارج النظام اللي رسمه لنا تمرد, أي قرار شخصي ناخذه بدون استشارته كان قلة احترام. كنت أحاول أقنعه إن الحياة مو مجرد جدول ومواعيد, وأفهمه إن الدنيا فيها خيارات, بس كل مرة كنت أصدم بجدار صلب. هو اللي يقرر وهو اللي يحدد وإحنا علينا ننفذ. في المدرسة كنت طالب عادي, ما كنت الأذكى ولا الأغبى, بس كنت دايمًا ألقى طريقة أطلع منها بأقل مجهود. كنت أراقب المدرسين, كنت أعرف مين اللي نقدر نداريه بالكلام ومين اللي لازم نحل الواجب عنده بدون نقاش, كنت أتعلم كيف ألعب بالنظام بدون ما أكسره. أنا كنت طالب عادي مثل ما قلت لكم, ما كنت أشاغب ولا أدور مشاكل, بالعكس كنت أسوي الصح, حتى لو كنت أكره النظام حق أبويا. أول ما دخلت المتوسطة تعرفت على نواف وخالد. نواف كان شخص عنده كاريزما, يعرف كيف يقنع الناس بأي شيء, دايم يضحك, دايم يستهبل, وكل كلامه كان يجيك بثقة كأنه يعرف كل شيء عن هذه الحياة. أما خالد كان مختلف شوية, هادئ, ساكت أغلب الوقت بس أذكى مما يبان عليه. نواف دايم يخطط وخالد دايم ينفذ, وأنا كنت الشخص المتفرج. كنت أشوفهم يسوون أشياء ما تعجبني بس كنت أقنع نفسي إني ما لي دخل, أنا بس معاهم مو معناها إني مثلهم.
يوم من الأيام وإحنا جالسين في ساحة المدرسة, كان وقت الفسحة, قال نواف "أقول لك, اليوم المقصف بيكون في زحمة ولا أحد بيركز, ايش رأيك نأخذ لنا شيء ونطلع؟". قلت له "ايش بك أنت, إنهبلت؟". قال "يا رجال عادي, ترى ما راح نسرق بنك". بعدين "إحنا ما نبغاك تسرق, بس إذا أحد جاء اعطنا إشارة, صدقني ما فيها شيء, كل العالم تسويها". هنا كنت في حيرة, أوافق ولا لا, وهو شيء بسيط في النهاية. وافقت؟ لا. بس سكت وسكوتي كان أسوأ من الموافقة. كنت أراقب المكان, نواف دخل بين الطلاب وخالد كان وراه. كل شيء صار بثواني, واحد منهم أخذ من العصير والثاني خبى كم ساندوتش بجيبه وطلعوا بكل بساطة. جلسنا بعدها وبدوا يأكلون وأنا جلست معاهم لكني ما لمست شيء, كنت أفكر, ليه حسيت بالذنب وأنا ما سويت شيء؟ ليه قلبي كان يعورني مع إني ما سرقت؟ هنا فهمت إن التواطؤ جريمة لحالها, مو لازم تسرق بيدك, يكفي إنك تسكت وتشوف الغلط يصير قدامك. كنت أقدر أوقفهم, كنت أقدر أسحب عليهم وأمشي بس ما سويت ولا شيء. خلص وقت المدرسة وطلعنا, كانت بيوتنا قريبة مو بعيدة, وكل واحد منا راح لبيته.
دخلت البيت سلمت على أبويا وأمي وأبويا كالعادة قال لي "ما كأنك تأخرت, خل عنك أخوياك لا تستنى أحد". ما أعطيت أي ردة فعل عشان الموضوع ما يكبر. سلمت على رأس أمي وجلست أسولف معاها شوية, وبعدها رحت أنام. بعد اليوم هذا حسيت بتأنيب الضمير, بس بنفس الوقت صار فيني فضول, مو عن السرقة, لا, عن الشعور, عن الثقة اللي عند نواف, عن البرود اللي عند خالد, عن كيف الأمور تصير كأنها ولا شيء. وقتها كنت أقول في نفسي "أنا مو مثلهم, بس ما يمنعني أتعرف عليهم". ومن هنا بدينا نقرب لبعض أكثر. صرنا ما نفارق بعض, حتى المدرسين لاحظوا, حتى أهالينا صاروا يعرفون إن غسان مع نواف وخالد. كنا نمسك زاويتنا في الساحة ونسولف عن كل شيء وأي شيء. نواف كان الشخص اللي يخلي الجو رهيب, دايم يطلع نكت, يسوي مقالب في العيال, يقدر يخليك تضحك حتى لو كنت بمزاج سيء. خالد كان هادئ بس لما يتكلم لازم تسمعه لأنه قليل الكلام, كلامه دايم فيه معنى. جاء نواف وقال "أقول لكم, لو يجينا واحد الحين ويقول لنا امسكوا هذه مليون, ايش بتسوون فيها؟". قال خالد "أستثمر". هنا نواف ضحك, قال "خف علينا يا البزنس أنت". أنا كنت ساكت أفكر, قلت يمكن أسافر, أشوف أماكن جديدة. قال نواف "هذه أول مرة تقول شيء منطقي, بس أنا والله أفجرها, سيارات, سهرات, وكل شيء". وضحكنا, لأننا نعرف إن إحنا مجرد عيال مدرسة ما عندنا إلا مصروفنا اليومي.
يوم بعد يوم صرت أحس بالراحة معاهم, حتى إن أخلاقي تغيرت شوية, كنت قبل أعصب بسرعة, صرت أهدأ, كنت قبل ما أحب أمزح كثير, صرت أشارك أكثر, كنت قبل أشوفهم غلط بس بديت أشوف إنهم ناس عاديين مثلي, وهذا أكبر فخ ممكن تطيح فيه لأنك ما تلاحظ التغيير إلا بعد فوات الأوان. بدأت الأمور تصير طبيعية أكثر, صاروا يسوون مقالب أكبر, يسرقون أشياء صغيرة بدون ما حد يحس أو ينتبه, وأنا كنت معاهم, أضحك معاهم, لكن كنت أرسم خط بيني وبينهم. لكن ما أدري إذا كان الخط هذا واضح ولا كنت أكذب على نفسي. بعد ما تعلقت في أصحابي أكثر, صرت أحس إني بين ناس يفهموني, يضحكون معايا, يشاركوني بكل شيء. صرت أقضي وقتي معاهم, حتى البيت صرت ما أجلس فيه إلا وقت الأكل أو النوم. لكن مع الوقت بديت ألاحظ أشياء صغيرة, أشياء كنت أشوفها غلط بس كنت أطنشها, لكنهم كانوا شياطين, بطريقة حلوة في البداية, بعدين صرت ألاحظ أشياء ما كنت متعود عليها.
في البداية كانت حركات بريئة, نلعب, مقالب بسيطة, سرقات خفيفة ما كنت أحس إنها شيء كبير, مثلاً كنا نوقف عند البقالة بعد المدرسة, واحد من الشباب يشتري علك, والثاني يستغل الفرصة ويسرق عصير أو شوكليت, كنت أشوفهم وأضحك لكني ما كنت أشارك. بعدها صارت العادة يومية, كل يوم شيء بسيط, كل يوم حركات خفيفة, ما كنت أشوفها شيء خطير. كنا نضحك, نمزح, نتحدى بعض, والمواقف الحلوة كثرت. بس مع الوقت, الحدود اللي كنت أحطها لنفسي بدأت تضعف. إلى أن جاء يوم, ونواف طالع فيني بنظرة تحدي, وقال "غسان, خلاص, كفاية تغطي علينا, ورنا الحين أنت, تقدر؟". هنا حسيت فيها إني وصلت لنقطة, يا أكون زيهم, أو أبقى متفرج للأبد. بعد ما خلصنا اليوم في المدرسة, كنا طالعين مع بعض كالعادة, بس هذه المرة وأنا راجع كنت أحس بشيء ثقيل على صدري, كنت أتظاهر بالضحك معاهم, بس عقلي كان مشغول, هل اللي سويته اليوم كان عادي ولا كان بداية شيء أكبر؟ وصلت البيت متأخر شوية, وأول ما دخلت سمعت صوت أبويا من المجلس, يتكلم مع أحد زملائه بالشركة, كان صوته رسمي مثل العادة, كان يقول "الانضباط هو أساس النجاح, إذا ما كنت ملتزم مستحيل توصل للمكان".
كملت طريقي للمطبخ وأنا أسمع كلام أبويا وكأن الكلام موجه لي أنا. أمي كانت واقفة تجهز العشاء, قالت "يا هلا بغسان, تأخرت اليوم, خير؟". قلت "كنت مع الشباب شوية". جلست على الطاولة وكنت متوقع إن أمي بتسأل زيادة, لكنها قالت "الله يهديك, خفف السهر معاهم, لا تنسى دراستك". أمي كانت دايمًا طيبة بعكس أبويا اللي كان دايمًا شديد معايا, بس مع هذا كنت أحس إنها تثق فيني وما تبغى تتدخل في خصوصياتي كثير. بعد العشاء جلست في غرفتي, غمضت عيوني, حاس بتعب بس كل اللي شفته وجه نواف وهو يتحداني, وذاك الشعور اللي جاء بعد السرقة, شعور غريب, ما بين الخوف والحماس, كنت أقول بداخل "إيش اللي دخلني أنا في ذا الشيء؟". ما كان عندي إجابة. الأيام اللي بعدها كل شيء كان يمشي طبيعي, كنت أروح المدرسة, أجلس مع الشباب, نضحك, نسولف, كل يوم المغامرات الصغيرة هذه مستمرة, بس الفرق إني صرت جزء منها.
أحيانًا أرجع البيت وأحس بتأنيب الضمير, خصوصًا لما أشوف أبويا يكلمني بنظرة صارمة جدًا, أو أسمع أمي تدعي لي وأنا خارج, بس كنت أقنع نفسي إنها أشياء بسيطة, ما كنت أسرق فلوس أو أضر أحد, بس مجرد لعب. في يوم من الأيام كنت رايح المدرسة وحاس إني مرة مروق, أبويا كان هادئ هذيك الفترة أو بالأصح مشغول بشغله ما درى عني. وصلت المدرسة وقابلت نواف وخالد, خلصنا الحصص الأولى إلين ما جت الفسحة. وفي الفسحة قال لي نواف "أقول لك غسان, عندنا استراحة جديدة, شيء فاخر, ايش رأيك تجي معانا اليوم؟". نواف ما كان يتكلم عن استراحة عادية, طريقته في الكلام, الابتسامة اللي على وجهه, كل شيء كان يقول إن الموضوع فيه شيء غير. قلت "استراحة, ايش السالفة؟". قال نواف "شوف, المكان مرة مرتب, في ناس كبارية, وراحتك مضمونة, وعشان نكسبك يلا أول شهر علينا". ضحكت, قلت "لا والله من متى وأنا عميل عشان تعطيني عروض؟". قال نواف "أقول لا تستهبل, جرب وتعال".
كل الشباب هناك ضحك وناسة وفلة ولعب, بتنبسط صدقني. نواف كان يعرف يلعبها صح, كان ذكي في طريقته, ما يعرض عليك الشيء كأنه إجباري, لا, يخليك تحس إن هذا الشيء مرة رهيب والقرار قرارك. قال خالد "يا رجال ايش تخسر, تجلس في البيت تسمع محاضرات أبوك, ولا تجي تغير جو؟". من داخلي كنت أقول أحس إني أعرف نهايتها, كنت متردد. رجعت البيت, كان أبويا جالس في المجلس, يقرأ أوراق معتادة في يده, وجنبه القهوة. كنت متعود على هذا المشهد, أبويا كان منضبط لأبعد درجة, حتى في جلسته تحسه شخص محسوب عليه كل شيء حتى طريقة تنفسه. قال لي أبويا "وينك اليوم, تأخرت؟". قلت "كنت مع الشباب". قال "الرجال يعرف بأصحابه, اختار اللي ترتاح لهم". قلت "أبشر". قالت أمي "انتبه, ترى الدنيا مليانة ذئاب". قلت "لا تخافين, ولدك ذئبهم". لكن الحقيقة ما كنت متأكد إذا أنا كنت الذئب ولا الفريسة.
جاء الموعد اللي بنسرق فيه المحل, مشينا الساعة 2:30, كنت خايف شوية, لكن أحس قلبي قسى من السرقات اللي قبل, ما صرت أخاف زي قبل يعني مرة. وصلنا للمحل, وقفنا السيارة, ورحنا إلين باب المحل, وقف نواف عند باب المحل الخلفي أو المستودع, ماسك القفل بيده وجاهز عشان يفتحه. كسر نواف القفل وهو متوتر, فتح الباب ودخلنا, بس ما ندري إن أكبر غلط سويناه مو إننا سرقنا, لا, إن في شخص شافنا. أول ما دخلنا المكان, المكان كان ظلام, قال نواف "يلا, كل واحد يأخذ اللي يقدر عليه". لكن فجأة, صوت الباب الرئيسي, تجمدنا في مكاننا, خالد شاف ظل, كان يقول بصوت واطي "أقسم بالله في واحد برا". قال نواف "بسرعة لازم نهرب خلاص". جيت بأتحرك إلا أسمع جوالي يدق برا, والصوت كان مرة قريب. الشخص اللي برا رد على الاتصال, كان يقول "إيوه إيوه, المكان مقفل بس في شيء غريب كاني سمعت صوت". وهنا عرفنا إن لازم نمشي, لمح نواف الباب الخلفي واتجهنا للباب الخلفي الثاني, لكن خالد جاب العيد, جاء يمشي وصدم في كذا كرتون وطلع صوت, وما يمدينا نتحرك إلا الباب الرئيسي انفتح, كان رجال كبير بالسن واقف ومصدوم باللي قاعد يشوفه, على طول قال "هذه سرقة, وقفوا مكانكم".
أحلف لكم إني أول مرة أشوف نواف يركض كذا كأنه بماراثون, طرنا باتجاه الباب الخلفي كلنا, كان الرجال يصارخ ويقول "وقفوا يا كلاب, أنا بلغت الشرطة". حسيت بدمي يتجمد, لكن الحين ما في مجال للتفكير لازم نهرب. كنا نركض والرجال يركض ورانا, الحمد لله قدرنا نضيع الرجال وقابلنا سياج في نهاية الطريق ونطينا من عليه, قدرنا نبعد من المكان, جلسنا على الرصيف نرتاح شوي ونفكر إيش نسوي. جاتنا هستيريا ضحك, اللي يشوفنا يقول كأننا عيال حارة جالسين بعد ما خلصنا لعب بلايستيشن, مو ناس توهم طالعين من مصيبة. الحمد لله إنها عدت, تأخر الوقت وكل واحد فينا رجع بيته, لما دخلت البيت كنت مرهق, لكن كنت مرتاح نوعًا ما, كل شيء صار كأنه حلم وانتهى. مرت الأيام والشهور, وكل شيء ما تغير, كل شيء نفسه, أبويا نفسه ما تغير فيه ولا شيء. مرت ست شهور على اللي سويناه, كنا نعتقد إن الموضوع انتهى خلاص, ما حد درى ولا انمسكنا ولا هم يحزنون, وكل شيء صار في طي النسيان.
في يوم من الأيام كنت عادي تمامًا, كنا جالسين في الاستراحة, نأكل, نضحك, نسولف. فجأة, الباب انكسر علينا, ما انفتح, انكسر. عيونا توسعت أول ما شفنا العساكر داخلين, صراخ, أوامر, ركض, ما عرفنا إيش نسوي, ما كان في مجال نهرب. في أقل من دقيقتين كلبشونا, وجالسين في سيارات الشرطة, كل شيء ضاع بلحظة, ما أخذ وقت طويل. جابونا لمركز الشرطة مكبلشين, وكل واحد فينا قاعد يستوعب ببطء إننا تورطنا خلاص. بعد التحقيقات على موضوع السرقة اعترفنا بكل شيء, وطلعونا من كاميرات المراقبة, وانحكم علينا بالسجن سنتين, وهنا عرفت إننا انتهينا. يوم السجن زي أي يوم ثاني فيه, الروتين نفسه, الوقت يمشي بطيء. بختصر موضوع السجن بشكل سريع, أمي, إخواني زاروني ما قصروا, إلا أبويا, ما كان مهتم أبدًا. بس أقدر أقول الحمد لله جاء اليوم اللي نادوني فيه أنا وأخوياي وخرجنا من السجن.
سنتين كأنها قرن, الوقت كان ممل ويمر بصعوبة. كنت دايم أقول "متى يجي اليوم اللي بطلع فيه من هنا؟". كنت أنتظر هذه اللحظة, كنت خايف منها بس بنفس الوقت, خايف من العالم اللي برا, نظرات الناس, عيون أمي اللي ممكن ما صارت تشوفني زي قبل. نادوا بأسماء المساجين اللي بيطلعون اليوم وأنا وأخوياي من ضمنهم. كان قلبي يدق بسرعة, مو لأني متحمس, لا, كنت متوتر. هذه الحرية اللي كنت أتمناها؟ كنا نمشي بممر طويل عشان نخلص الإجراءات, خلصنا الإجراءات وطلعنا برا البوابة, ووصلونا لنفس القسم اللي أخذونا منه. وبعد ما جاء كم يوم وخلصت الإجراءات بشكل كلي طلعنا. أول ما طلعنا كانت واقفة أم خالد, وماسكة يد أخوه الصغير, كانت تبكي, ما نعرف إذا كانت دموعها راحة, حزن, خوف. خالد وقف في مكانه لحظة, بعدها راح لأمه, أنا كنت واقف وسط الشارع, أعرف إن اليوم مو نهاية شيء, هو مجرد بداية جديدة, ومسؤولية ثقيلة لازم أتحملها, وأثبت للعالم وللكل إني مو نفس الشيء ونفس الشخص اللي دخل هنا.
رجعت للبيت بس حسيت إني مو فيه, كأنه صار غريب عليا, أو أنا اللي غريب عليه, نفس الأثاث, نفس الجدران, كل شيء نفس ما هو بس أنا تغيرت. حسيت إني دخلت مكان قديم, مكان كنت أعرفه بس ما يشبهني. جلست على سريري, أفكر, ايش اللي جاي, ايش بسوي, كيف بتكون حياتي بعد اللي صار. دخل عندي أخويا الصغير, كان يطالع فيني بنظرة فيها تردد, قال لي "غسان, تقدر تجي معايا للسوبر ماركت؟". هذه أول مرة يكلمني فيها من أول ما رجعت. يمكن كان خايف, ما أدري كيف بيتعامل معايا بعد اللي صار. على طول ابتسمت له وقلت له "يلا نروح". وإحنا في الشارع أحس نظرات الناس تلاحقني, كنت أعرف خصوصًا اللي بالحارة يعرفون إن غسان اللي انسجن, أول مرة أحس إني مراقب حتى وأنا ماني مسوي شيء. السجن كان أهون من نظرات الناس, اللي تحسسك إنك وحش طالع من قفصه. خلصنا مشوارنا ورجعت البيت, أول ما دخلت غرفتي شفت جوالي القديم مرمي, رسائل, إشعارات, مكالمات, كلها قديمة, فتحت الواتس وشفت آخر محادثة بيني وبين خالد ونواف. كان مكتوب "يا أخي والله ما راح يصيدونا, لا توسوس". ضحكت, قلت بداخل "إيوه, شوف الحين مين اللي يوسوس". كنت محتاج أعرف ايش اللي صار معاهم, كيف حياتهم الحين.
دقيت على خالد, قلت "ألو". قال خالد "غسان". قلت "إيوه, كيفك؟". قال "بخير أنت كيفك؟". قلت "عايش, إيش وضعك الحين؟". قال "اشتغلت مع خالي في الورشة, أتعلم شوي شوي, وأنت؟". قلت "ولا شيء, لسه قاعد أكتشف إيش بسوي في حياتي". في اللحظة هذه حسيت خالد تغير, صوته, نبرته, كأنه مو نفس الشخص اللي كنت أعرفه, حتى الضحكة اللي كنت متعود عليها كانت ناقصة. قلت "إيش صار مع نواف؟". سكت خالد بعدين قال "نواف... أمم... نواف ترك الحارة, يقول إنه بيبدأ حياة جديدة بعيد, بعيد عن كل شيء". ما استغربت, نواف كان دايم يحاول يبين إنه مو متأثر, بس هو كان أكثر واحد فينا يبغى ينسى اللي صار. قلت "متى نشوفك؟". قال "بكرة بعد العشاء عند المكان القديم". قلت "تم". قفلت جوالي, كنت أعرف إن اللقاء هذا ما راح يكون مثل قبل, لأن كلنا تغيرنا, ما عاد في ضحك عشوائي ولا خطط غبية. بكرة راح أواجه الحقيقة, والحقيقة تقول إن ماضينا ما راح يختفي بسهولة. اليوم اللي بعده, طلعت من البيت بعد العشاء, المكان القديم اللي كان يقصده خالد كان زاوية مهجورة جنب بقالة, كنا نجلس فيها دايم, نخطط, نسولف, نضحك.
وقفت في المكان واستنيت شوية, جاء خالد, ملامحه مو نفس خالد اللي أعرفه, كان في شيء ناقص أو شيء زايد, شيء ثقيل أحس إنه يشيله على ظهره. أول مرة نشوف بعض بعد كل اللي صار, دقيقة كاملة جلسنا نطالع بعض ما تكلمنا, كل واحد فينا يستنى الثاني يقول شيء. قال خالد "لا تقول إنك نسيت كيف تتكلم". قلت "كيفك؟". قال "عايش, وأنت؟". قلت "نفس الشيء". جلسنا على الرصيف, نفس المكان اللي كنا نخطط فيه, بس الليلة ما كان في خطط, كان في ذكريات ثقيلة تتسحب علينا من كل جهة. قلت "نواف وينه؟". قال "ترك كل شيء وراح, يقول راح يبدأ من الصفر". قلت "كان أكثر واحد فينا يتظاهر إنه قوي". قال خالد "إيوه وأول واحد هرب". ما كان في أي زعل بس كنا نفهم بعض بدون ما نقولها. إحنا الثلاثة دخلنا بنفس الغلطة بس كل واحد منا طلع بطريق غير.
قال خالد "الدنيا غريبة, كنا نفكر يا غسان إن الدنيا سهلة وإننا أذكى من النظام, بس في لحظة واحدة كل شيء انقلب علينا". قلت "إيوه بس أحيانًا أحس إن الغلط مو على الدنيا, يمكن إحنا اللي كنا غلط". قال خالد "يمكن". جلسنا هناك إلين ما بدأت الحارة تهدأ, ما كان في شيء ينقال, كل واحد فينا عرف إن الماضي اللي تركناه هنا ما عاد ينفع نرجع له. وقفت وقلت لخالد "إيش ناوي تسوي الحين؟". قال "مثل ما قلت لك, بورشة خالي, أتعلم وأشغل نفسي يمكن أقدر أكون شخص غير عن اللي كنت عليه". قال لي "وأنت؟". قلت "ما أدري". مرت أيام بعد لقائي الأخير بخالد, وأنا جالس في البيت أفكر في كل شيء ولا شيء في نفس الوقت. كنت أعرف إن حياتي لازم تتغير, بس كيف؟ ما كان عندي جواب. أمي كانت تراقبني, تحاول تسألني عن حالي, بس كنت أتهرب, كنت أعرف إن في قلبها ألف سؤال, بس كنت خايف من اللحظة اللي أضطر أجاوب فيها. إلى أن جاء يوم وأنا جالس لحالي في المجلس, سمعت صوت الباب ينفتح, وأول ما رفعت رأسي شفت مين, حسيت الدنيا كلها توقفت للحظة, نواف واقف عند الباب, كان نفس نواف اللي أعرفه, بس كان في عيونه شيء غريب, كأنه شايل جبل على ظهره, كأنه ما نام كويس من شهور. طالعت فيه بدون أي كلمة وهو كمان ما قال شيء, دخل وجلس على الكرسي قدامي, بينا طاولة بس واضح إن المسافة اللي بينا أكبر من طاولة. رحت وحضنته, قلت له "ترى اشتقنا لك, فقدناك, مرة ثانية لا تسحب علينا". قال نواف "أنت كويس؟". قلت "سؤال غريب, خصوصًا منك". قال "كيفك؟". قلت "قاعد أحاول أفهم الحياة من جديد". قال "إيوه, حتى أنا". جلسنا نتكلم, لأول مرة بدون استهبال, بدون كذب. قال لي إنه انتقل لحارة ثانية, مو بعيدة بس كأنها في عالم جديد. قال إنه جلس فترة يحاول ينسى بس اكتشف إنه مو قادر, لأن الشيء اللي صار محفور فيه. قال "أنا أفكر, نقدر نبدأ من جديد؟". قلت "أنا كل شيء ممكن". قال "بس غسان, إحنا مو لحالنا, أهلنا شالوا فضايحنا, تحملوا عيون الناس ونظراتهم. إحنا اللي سويناه ما كان علينا لحالنا, جاهم أهالينا من الطيب نصيب".
سكت, تذكرت وجه أمي لما رجعت من السجن, شلون كانت نظراتها فيها أكثر من الحزن. تذكرت كيف أخويا الصغير كان متردد وهو يكلمني, وكيف أبويا كان ساكت أكثر من المعتاد. من بعدها قررنا نبدأ خطوة بخطوة. خالد جلس يتعلم في ورشة خاله, وأنا قررت أبدأ أشتغل في أي شيء يشغل وقتي. نواف, اللي كنا نقول إنه أكثر واحد فينا ما كان يهتم, كان أكثر واحد جاد في التغيير, بس التغيير ما كان سهل. نظرات الناس, أسئلة الأقارب, حتى بعض العيال في الحارة كانوا يطالعون فينا بنظرة اللي ينتظرون مننا نطيح من جديد. إلى أن جاء يوم, كنت أمشي في السوق, وشفت عيال أعرفهم زمان, كانوا يضحكون معانا على أيام السرقات. أول ما شافوني, واحد منهم قال "هلا بغسان, رجعت للحياة؟". قلت "إيوه بس حياة غير عن اللي كنت منها". قال "لا لا لا تكون صرت من العيال الصالحين". أعطيته ابتسامة واثقة ومشيت من غير ما أرد, لأنه واضح إنه كان يتمسخر. سمعتهم يضحكون, يمكن كانوا يقولون "ما راح يتغير". بس وقتها كنت عارف شيء واحد, إني أنا فعلًا تغيرت. رجعت للبيت, دخلت المجلس, لقيت أبويا جالس كعادته, ماسك أوراق بس ما كان يقرأ, كان يفكر. جلست قدامه وقلت "أبويا, أنت زعلان مني؟". طالع فيني, قال "ما كنت زعلان منك, كنت زعلان عليك. إحنا تعبنا عشانك أنا وأمك, كنت أخاف يضيع كل شيء في لحظة غلط, في لحظة طيش, بس تعرف؟ مو مهم الواحد يطيح, المهم كيف يقوم". شفت في عيون أبويا شيء ما قد شفته من قبل, ما أدري هل هو فخر, رضا, بس كان كفاية إني كنت أعرف إني أنا الحين على الطريق الصح.
أمي كانت تدعي لي دايمًا, كنت أشوف كيف كانت تحاول تعوض اللي راح. بس أنا فعلًا اللي كنت محتاج أعوضها, قلت لها "أمي أدري إني تعبتك, بس أوعدك إني ما راح أخذلك". حسيت ولأول مرة إني أنا حر فعلًا. مرت شهور وتغيرنا بطريقة ما توقعناها. خالد صار عنده شغل ثابت وصار يحلم يفتح ورشة الخاصة. نواف التحق بمعهد, يدرس ويشتغل, يحاول يبني نفسه من الصفر. أنا اشتغلت ودرست وتعلمت إن الحياة تعطينا فرصة ثانية بس لازم نعرف كيف نستخدمها.
تقابلنا يوم في نفس الزاوية اللي كنا نجلس فيها. قال نواف "صدق, إحنا ثلاثتنا كنا مستعدين نضيع". قلت "الحمد لله, ما ضيعنا". قلت "الحمد لله, والأهم إن شاء الله ما نضيع مرة ثانية". مرت الأيام وكل يوم كنت أحس إن في شيء جديد يصير بينا. التغيير اللي حصل ما كان بس علينا إحنا, حتى عيال الحارة كان لهم دور في تغييرنا. وكل شيء صار أبسط من قبل. عرفت بعد كل اللي مرينا فيه إن الحياة فيها لحظات كثير حلوة بس ما نقدر نشوفها إلا إذا تحررنا من قيودنا القديمة. مرت الأيام والسنوات, كبرت صداقتنا إحنا الثلاثة. كنا نتذكر كل الأشياء الحلوة, المرة, اللي سويناها. كنا نضحك وكأن ما صار شيء لأنها فترة وراحت. صرنا أكثر من إخوان بالنسبة لي, صرنا قريبين من بعض مرة, أهالينا يعرفون بعض. لما تبنا من كل شيء سيء سويناه, تحسنت علاقاتنا, تقربنا من الله, لكن الحلو ما يكمل. في يوم من الأيام اتصل علي نواف, قال "إيش رأيك اليوم نطلع نتمشى ونغير جو؟". قلت "تم ما عندك مشكلة, وخالد؟". قال "اتصلت عليه وقال ما عنده مشكلة". قلت "يلا أنتظركم". بعد نص ساعة قال نواف "أنا عند الباب". ركبت السيارة وسلمنا على بعض, وأخذتنا السوالف والضحك. نواف كان وقتها يسوق السيارة وكان يحب الاستعراض, يمشي بسرعة وما يعترف بأي شيء قدامه, الشارع تقولون شارع أبوه. خالد جنبه وأنا في المقعد الخلفي. وفجأة على غفلة, صدم نواف سيارة, وتقلبت قدامنا, الكل صار يصرخ والدم بكل مكان, وكنا كلنا في حالة صدمة. نواف حاول يوقف السيارة لكنه كان في حالة رعب وكأن حياته كلها بتضيع, وخالد كان مرعوب زي نواف, كلهم صاروا يتخفون من المسؤولية, وبدوا يتكلمون مع بعض, وقالوا لي "إحنا ما نقدر نتحملها, لازم نحط التهمة عليك". قلت "إيش تقصدون؟ كيف يعني التهمة علي؟".
قمت أصيح, قلت "تبيعوني بثواني؟ وإحنا بينا أيام وشهور وسنوات؟". إحنا كلنا كنا في السيارة لكنهم كانوا مصرين, قالوا "أنت الوحيد اللي ما عندك دليل ضدك, الكل راح يصدق إن أنت السبب". حسيت وكأن الدنيا ضاقت علي فعلًا, وعرفت إنهم ما راح يوقفون معايا في أي لحظة. خالد ونواف بدل ما يساعدوني أو يعترفون بالحقيقة صاروا يضغطون علي عشان أتحمل التهمة. وقال نواف "أنت الوحيد اللي ممكن تكون سبب الحادث". قلت "مستحيل إني أتحمل كل هذا, مستحيل". مرت الأيام, وجاء وقت المحاكمة, وللأسف الرجال اللي صدمه نواف مات, لكن المشكلة مو هنا, المشكلة إن كل شيء كان ضدي. نواف وخالد شهدوا ضدي وبقوة. والكلام اللي قالوه في المحكمة كان موضح إني أنا اللي كنت السبب في الحادث. مع إني حاولت أشرح إني أنا كنت ورا, ما حد صدقني, كانوا يقولون "أنت الوحيد اللي ممكن تكون سبب الحادث". كنت أحاول إني أثبت براءتي لكني ما كنت قادر, خصوصًا إنه ما في أحد وقف معايا, وإن اثنين الشهود اللي كانوا في وقت الحادث شهدوا ضدي, حتى العائلة كانت في حيرة, والكل بدأ يظن إني أنا فعلًا مسؤول عن الحادث.
كنت في السجن وحدي, كنت أقول "كيف يصدقوني؟ كيف أثبت براءتي؟". أتحفظ على السالفة اللي سووها بحيث إنهم رموا التهمة علي. كانت خطتهم محكمة بشكل مرعب. اليوم وأنا في السجن, كل يوم أحاول أفهم ليش صار كل هذا, ليش اللي كنت أحسبهم أصحاب خانوني, لكن الحقيقة المرة إن الحياة ما تعطيك كل شيء بسهولة, يمكن الوقت يمر لكن الظلم بيبقى موجود, وما أحد مصدقني. وللأسف, الشارع اللي كنا فيه ما كان فيه أي كاميرات, ولا كان في أي شيء يثبت. مرت أربع شهور وأنا بالسجن, طلع الحكم بالإعدام, ندمت ندم إني وثقت فيهم وإني صادقتهم, ما يستاهلون, لا حب ولا تقدير.
أنا غبي, هم واضحين من البداية إنهم راعين خراب, أنا تساهلت إلين ما جروني, عمري ما راح أسامحهم, عمري, خربت سمعة أهلي, بينوا للناس إني أنا اللي سويت كل هذا وإني أنا الغلط, ما حد مصدقني إلا أهلي, أهلي يترجون أهل المقتول لكن التنازل مرفوض. مثل ما يقولون, الصاحب ساحب. فهمت معنى الخيانة, تعلمت شيء واحد, ما حد بيوقف معاك إلا نفسك. لو كنت تظن إن الناس بيوقفون معاك في أصعب لحظاتك, فكر مرتين, لأنك في النهاية لازم تواجه كل شيء بنفسك. عضيت أصابع الندم, في وقت ما عاد يفيد فيه ندم, صار الإعدام ومات غسان بظلم ثقيل مرة. الشخص اللي أرسل القصة يقول لكم السلام عليكم, أنا أعرف غسان من بعيد, والله يرحمه ويغفر له. طلب إن قصته تنتشر, يبغاها تكون قصة تنبيه للناس وعظة وعبرة, ويبغى الناس اللي تسببوا بظلمه يشوفون القصة, إن شاء الله إنها توصل لهم, أبغاهم يعضون أصابع الندم. ما أتوقع ناس مثل هذولا ممكن يندمون لكن, ممكن, مع إنهم من البداية أساسًا, ما في في قلبهم أي رحمة. انتهت القصة.
عزيزي المشاهد لا تترك الموضوع بدون تعليق وتذكر ان تعليقك يدل عليك فلا تقل الا خيرا :: كلمات قليلة تساعدنا على الاستمرار في خدمتكم ادارة الموقع ... ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )