بين الماضي والحاضر: صراعات عائلية وتمزقات اجتماعية
جيل من الألم حكايات ثلاث أجيال من النساء في عائلتي
تقول صاحبة القصة, ببدأ كلامي بجدي, كان شخص ضد الدولة اللي إحنا ساكنين فيها, لأن بوقتها كان في فساد, وهنا جدي انسجن, وكان محكوم عليه بالإعدام, لكن بعد مدة من سجنه طلعوه, لأنها هدت الأوضاع في البلد, واستقروا الناس وطلعوه هو واللي معاه بشرط إنهم ما يعيدون اللي سووه ولا يسوون أي شغب. طبعًا أنا ما أعرف تفاصيل عن القصة هذي كثير لأنها كان ممنوع أحد يتكلم عنها. المهم بعد ما طلع جدي من السجن, صار شخص محب للدولة والوضع اللي صارت عليه لكن ما ينسى دولته الأساسية. المهم لما طلع جدي من السجن, أخوه اتزوج واحدة من نفس البلد اللي إحنا ساكنين فيها, جدي كان معارض في البداية, لكن بعدين التقى بأختها, واللي هي جدتي, كانت جدتي جميلة جدًا عكس أختها اللي كانت عادية, حبها جدي وتزوجها. جدتي كانت من النوع اللي تفضل الأولاد عن البنات, لأنها ببساطة تأثرت بتربية أمها وبيئتها, واللي كانوا يفضلون الأولاد عن البنات. المهم جدتي جابت خالي الأول والثاني وبعدها جابت أمي وكملت لين ما صار عندها ستة, ستة أولاد وبنتين اللي هم أمي وخالتي, وهنا أقول لكم تبدأ معاناة أمي وخالتي, اللي ما عاشوا ولا يوم حلو بحياتهم. بالنسبة لجدي, كان عصبي مرة مع جدتي لكن حنون مع بناته وأولاده, وما يفرق بينهم أبدًا, وكان يزعل من جدتي لما تفرق بينهم, كانت مشاكلهم كثيرة لأن جدتي كانت عنيدة وما تحب تسمع الكلام وتسوي اللي في رأسها حتى لو كان غلط.
طبعًا كانوا ساكنين بحارة شعبية, لأن جدي ما كان يبغى يبعد عن أولاد عمه, كلهم بنفس الحارة, كانت الحارة زمان حلوة والناس كويسين وكلهم أصحاب ذمة وضمير وكلهم يخافون الله. بدأت المعاناة الحقيقية لما صار عمر أمي 30, كانت تشتغل صيدلانية بشركة معروفة, ووقتها خطبها أبويا, وما كان أحد موافق عليه, أول لأن بعيد عنا وثانيًا كان من أصل البلد اللي إحنا ساكنين فيها, وجدي زي ما تعرفون ما يحب الناس اللي فيها, وأمي كمان ما كانت مرتاحة. طبعًا أمي كانت كثير قريبة من رب العالمين, وكانت دايمًا تدعي يا رب ارزقني الزوج الصالح اللي يسعدني وما يذلني مثل ما أنا عايشة الآن. المهم أمي رفضت أبويا أول مرة ورجع وخطبها مرة ثانية, وقتها جدتي أقنعت جدي ووافق, وأمي قررت تعطيه فرصة, يعني شكله شخص كويس. كان هذا أكبر خطأ في حياة أمي, دمرها للأبد. أبويا كان أكبر من أمي بسنة واحدة بس, وكان أقل منها بالوظيفة لكن كان عنده مصادر دخل أخرى. في بداية زواجهم كان الوضع مقبول وما كان في مشاكل بينهم إلين ما صاروا أهل أبويا يتدخلون فيهم, ويعبون رأس أبويا. خلوني أحكي لكم شوية عن عائلة أبويا
عائلة أبويا كانوا العكس, كانوا يقدسون البنات وكانوا مترابطين مع بعض ويحبون بعض جدًا, لكن جدي أبو أبويا كان يضربهم ويضرب جدتي وكان عصبي, فصار عند أبويا عقدة, عقدة من أبوه, وقرر إنه ما يعيش أولاده مثل ما هو عاش, هي كانت عقدة لكن أبويا حولها لواقع, كان يفكر إنه يسوي الشيء الصح مع أمي, بسبب الكلام اللي كانوا يعبون في رأسه عماتي وجدتي أمه يعني, وهو كان ينزل أذنه بشكل كبير ويسمع.
أبويا ضرب أمي وعنفها, كانت أمي ما لها أحد, كل ما تروح لجدتي ترجعها وتقول لها "ما لك غير بيت زوجك، أنا ما عندي بنات يتطلقون، ما يكفيني أختك؟". ملاحظة سريعة, خالتي تزوجت واحد سيئ مرة, كان يتعاطى ويضربها ويعنفها, جابت منه بنت وتطلقت, البنت هذه أكبر مني بسنة, بنت خالتي, وأقدر أقول عنها أختي. المهم كانت جدتي ترجع أمي كل مرة, وأمي ما تقدر تقول لجدي شيء لأنه باختصار بيصير فيها دم, جدي ما راح يسكت, وجدي لو سوى أي شيء غلط في الدولة اللي إحنا جالسين فيها راح ينعدم من الآخر, وأمي ما لها في الدنيا إلا أبوها وما تبغى تخسره, استحملت أمي وصبرت. والآن بقول لكم عن ماضي أبويا الأسود
أبويا زمان كان يسافر على دولة معينة وتعرف فيها على بنات قد شعر رأسكم, كان شخص للأسف مو كويس, يعني ما له داعي أتكلم أكثر أنتم فاهمين أكيد, بعد ما رجع وتزوج أمي للأسف لسه علاقاته مستمرة, أمي عارفة وما تقدر تسوي شيء, هو كان يحب أمي بس كان نقول مريض أو عنده عقدة فعلًا ما أعرف بسبب الأشياء اللي صارت معاه, وحط عقده ومرضه في أمي وفي باله إنه قاعد يسوي شيء صح وهو غلط. كانت جدتي أم أبويا وعماتي يعبون برأسه ويكرهونه بأمي لأنهم يحبون أبويا وخافوا إن أمي تاخذه منهم, حاولوا يكيدون لها ويأذونها بشكل ما تتخيلونه.
خلوني أحكيكم موقف, في يوم من الأيام أبويا وعمي كانوا راجعين من السفر, فراحوا لبيت أهلهم أهل أبويا يعني, وعمتي جهزت فراش نوم واحد بس لعمي, سحبت على أبويا, ليش؟ لأن أبويا كان يمدح طبخ أمي. اسمعوا, يعني انقهرت عمتي ليش تمدح طبخها, ناس فاضية, ما عندها شغلة في ذي الحياة, فقالت خليني أسوي مشكلة, المهم لما جاء أبويا سأل عمتي "وين فراشي؟" قالت "روح روح, روح عند زوجتك, نام عندها وكل من أكلها". هنا أبويا عصب, ليش عصب؟ تتوقعون عشان عمتي يعني قالت عن أمي شيء؟ لا لا لا, عصب لأن ليه يعرفون أهلي إني أنا أحب زوجتي؟ والله على التفكير. تشادوا بالكلام, عمتي عصبت أبويا مرة, أبويا قام وقلب الطاولة بالأكل, وقتها جدتي ما تحملت, طاحت عليهم وأخذوها للمستشفى وطلع معاها جلطة أدت إلى أنها تنشل شلل نصفي. وقتها أمي ما تعرف ايش السالفة راحت عشان تزور جدتي بالمستشفى, شفتوا اللي تجيك التهايم وأنت نايم؟ هذه هي. أول ما راحت عند جدتي, جدتي طردتها قدام الكل وقالت "أنا ما أبغى أشوفها, وقولوا لولدي يطلقها! ما صار لها عندنا سنة, شوفوا ايش سوت!".
أمي تضايقت وبكت وتعبت من اللي صار, وأبويا أخذها على البيت ونزل فيها ضرب, ضرب موحش, وأمي ما كانت تدري ايش فيه ولا ليش يضربها, ايش السالفة, هي ايش سوت وليش أم زوجها طردتها. هذا ملخص بسيط لأول سنة عاشتها أمي, أنا لا كنت موجودة ولا شاهدة على الأحداث هذه. بعدها جاء من اللي يشارك أمي همها وحزنها, وهي أنا, أنا كنت نسخة من أمي, كنت أشبهها مرة, ما كنت أشبه أبويا, فجدتي وعماتي كارهيني وصاروا يعاملوني مثل أمي, وبعد ما أنا جئت بسنة, أمي جابت أخويا, كان يشبه أبويا بس عيونه مثل عيون أمي, عشان كذا أهل أبويا حبوه أكثر, العقليات الله وكيلكم مدمرة. المهم أنا وأخويا ما كان لنا إلا بعض, كنا نعيش بألم لما ننام ونصحى على صوت الصراخ وضرب, وما كنا نسلم من الضرب, كان يجينا من الطيب نصيب.
أبويا كان وحش معانا ما كان يحبنا أبدًا. كنا زمان نشوف أمي تحط كاميرات مراقبة, أجهزة تنصت, في أغراض أبويا, في سيارته, كانت دايمًا تقول لنا لا تقولون لأحد أبدًا. وجلست أمي على هذا الحال تسجل, تشوف, وكانت تمسك على أبويا أشياء. طبعًا أنا عرفت سر هذه الفيديوهات قريب لما زل لسان أمي قدامي. المهم في يوم من الأيام لما كان عمري أنا تسع سنوات تقريبًا, أخويا ثمانية, أمي طفح الكيل عندها وراحت وقالت لجدي وخوالي كل شيء, وقتها أمي ترجت أبوها إنه ما يعصب ولا يسوي شيء وفهمته موقفها. جدي حاول يمسك نفسه وخلى أمي عنده وطلب من خوالي ما حد يتدخل بالموضوع. وبعدها أرسل لأبويا إنه يطلق أمي وإنهم ما يبغون يشوفون وجهه مرة ثانية. أبويا وقتها تدمر, هو يحب أمي يعشقها وما يقدر يستغني عنها, راح إلين عند رجول جدي وقاعد يترجاه ويترجى أمي لكن ما حد رضي. أمي وقتها جلست في بيت أهلها ثلاثة شهور, وإحنا من أول أسبوع رحنا على بيت أهل أبويا وشفنا العذاب هناك, والله وكيلكم يا كانوا عماتي يضربونا ضرب, ضرب مو صاحي. ما قدرنا نكمل أسبوع, رحنا على طول عند أمي, عشنا فترة حلوة هناك, بعدها جاء أبويا واستسمح من أمي ومن جدي ووعدهم إنه يتغير ويتعالج, وقال إنه يحب أمي مرة وما يقدر يتخلى عنها. رجعت أمي معاه, أبويا ما صار يضرب أمي وصارت علاقتهم نوعًا ما حلوة, إلا من شيء واحد, المصاريف, أبويا كان عنده مصادر دخل كثيرة, وكل مصاريفه تروح لأمه وأخواته, وأمي كانت تصرف على البيت لكن ما كانت تقدر على مصاريفنا إحنا, أبويا ما كان يصرف ولا فلس واحد لا علينا ولا عليها.
مشت الحياة, استمرت, بس أمي صارت قوية, أبويا صار ضعيف ما صار يقدر يقول لأمي شيء. كان السبب مجهول عندي, لكني عرفته قريب وبقول لكم إياه بآخر القصة. الحين راح نبدأ معاناة جديدة, صار عمري 19 سنة, توفى جدي ب2022, جدي أبو أمي, أهل أمي من وقتها حياتهم تدمرت. خالي الأول صار غني, الله مغنيه, سحب على العائلة كلها, خالي الثاني صار مدمن لأن الحارة اللي ساكنين فيها ما غيروها والناس اللي فيها صاروا سيئين لأبعد درجة, الحارة بالعربي صارت خربانة. وجدي الله يرحمه ما كان يبغى يطلع من الحارة هذه عشان عيال عمه موجودين فيها مثل ما قلت لكم سابقًا, ولما مات, جدتي أخذت بوصيته وما طلعوا من الحارة. خالي الثالث والرابع هم أحسن اثنين لكن للأسف صابتهم الديون. خالي الخامس خلوه على جنب شوية, خالي السادس برضو للأسف صار مدمن وهو الوحيد العزابي بينهم, كلهم متزوجين وسبحان الله كل ما نجي نخطب له يصير شيء, وأول مرة توفى جدي وآخر مرة صار مع خالي الخامس حاجة. ايش صار؟ الله يسلمكم خالي هذا, الخامس, اتزوج واحدة من عائلة أعمام جدي, يعني بنت عمه خلينا نقول, كانت طماعة بشكل فظيع وما ترضى بالقليل. خالي صار عليه ديون بسبب زوجته, صار في بينهم بنت, فقرر خالي إنه يفتح محل كذا, شراكة مع أخو زوجته, تراكمت عليه الديون. في شيء يقولون صار إحنا مو متأكدين منه, اتهموا خالي إنه قتل واحدة, السالفة شوي مشربكة ما أبغى أدخلكم فيها, بس اللي يضحك إن خالي هذا لما كانوا يذبحون خروف العيد ما كان يقدر يطالع, كان لطيف.
انسجن خالي وحكموا عليه بالإعدام لكنهم بالأخير تنازلوا عن الإعدام لكن القضية مستمرة. هذولا أولاد عم جدي اللي ما كان راضي يتركهم, كذا سووا فيه وفي عائلته, حسبي الله بس. كيف صار الوضع الآن؟ جدتي تدمرت بعد كل اللي صار, وخوالي كل واحد فيهم راح بطريق غلط إلا اللي قلت لكم عليهم الاثنين اللي أكلتهم الديون, مو قادرين يلبون احتياجات جدتي. والبيت الكبير اللي كان الكل يسكنه صار فيه بس جدتي وخالتي وبنتها وخالي العزابي الأخير, بنت خالتي ما هي مرتاحة بنفس البيت مع خالي وخصوصًا إنه مدمن وتخاف منه كثير. أمي بعدت عن دينها من ناحية اللبس, الاحتشام, وهذا أكثر شيء محزني, لأنه جاء في بالها أنا دعيت كثير وربي ما استجاب, استغفر الله العظيم. بالنسبة لي ولأخويا أنا تقربت من ربي وصرت نسخة من أمي القديمة, لكن أنا فيني قوة ما حد يجاريني فيها, تعلمت دروس من كل شيء عانته أمي وكل القصص اللي شفتها حولي. أما أخويا الله يهديه صاير عصبي, بالذات على أمي, وما صار يجلس معانا في البيت لكنه حنون معايا كثير بس ما يحب لا أمي ولا أبويا,
وأنا ما أقول إني أكره أبويا لكن ما أحبه ولا إني قادرة أسامحه, لكني أحب أمي كثير وما أقدر استغني عنها لأنها بنظري بطلة, قاومت وصبرت, وللآن تصبر, لكني أدعي لها بالهداية. بالنسبة لأبويا تغير معانا للأحسن, لكن مع أمي ما في أقسى منه, بس ما صار يمد يده, أمي كمان تكرهه, وأبويا ما يقدر يقول لها كلمة واحدة, للسبب نفسه اللي بقول لكم إياه نهاية القصة. بالنسبة لأهل أبويا, جدتي توفت بعد 21 سنة من الشلل, والمرض بجلطة ثانية بسنة 2023, وعماتي كل واحدة بمشاكلها وأهل أزواجهم يتدخلون فيهم, كأن الدنيا قاعدة تدور, مثل ما تدخلوا بين أبويا وأمي, أهل أزواجهم يتدخلون فيهم.
السبب اللي خلى أبويا ما يقدر يفتح فمه مع أمي, هو إن أمي لما كانت تسجل الفيديوهات صارت تهدده فيهم, من الآخر يعني, وإنها راح توصلهم لأبوه ولكل عائلته, عشان كذا أبويا ما كان يقدر يسوي معاها شيء, لأن جدي أبو أبويا عصبي والكل يخاف منه. بالنسبة لجدتي أم أمي ما وقف معاها إلا بناتها, هي اللي تعتمد عليهم, كأن ربي عاقبها على نكرانها لنعمته, نعمة البنت, وخلى كل أولادها العيال يكسرون ظهرها وما تعتمد عليهم بشيء, عندها بناتها, الحين صارت تتمنى لو كل خلفتها بنات. كأنها انعكست الآية, أبويا وأمي وأخويا أبعاد عن ربهم, أتمنى إنكم تدعون لهم بالهداية وتدعون لجدي حبيبي بالرحمة وتدعون لي الله يوفقني وما أعيش حياة سيئة مثل ما أمي عاشت, إني تعقدت من فكرة الزواج .
انتهت القصة.
عزيزي المشاهد لا تترك الموضوع بدون تعليق وتذكر ان تعليقك يدل عليك فلا تقل الا خيرا :: كلمات قليلة تساعدنا على الاستمرار في خدمتكم ادارة الموقع ... ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )