كلمة المدير في الاصطفاف الصباحي عن أهمية الانتخابات والمشاركة الوطنية
خطاب وكلمة يوم الخميس عن أهمية الانتخابات والمشاركة الوطنية
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبنائي الطلبة الأعزاء، زملائي المعلمين الأفاضل، إخوتي العاملين في هذا الصرح التربوي الكريم، صباح الخير والأمل والعمل والعطاء.
اليوم حديثنا عن موضوعٍ هو من أسمى مظاهر المواطنة، ومن أهم مظاهر الوعي والمسؤولية، ألا وهو الانتخابات، تلك العملية التي تُعبّر فيها الشعوب عن إرادتها، وتختار بها من يمثلها ويصنع القرار باسمها، ويقود البلاد نحو مستقبلٍ أفضل بإذن الله.
أبنائي الأحبّة…
إنّ العراق، بلد الحضارات والمجّد والعراقة، مرَّ بمراحل كثيرة من البناء والتحدي، وما زال يخطو بثبات نحو مستقبلٍ يليق بتاريخه العظيم. ولعلّ من أبرز سمات هذا المستقبل، هو أن يكون الشعب فيه هو صاحب الكلمة الأولى، من خلال الانتخابات التي تُجسّد مبدأ الديمقراطية والمشاركة الشعبية.
ولذلك، أريد منكم أن تفهموا — وأنتم جيل المستقبل — أنّ الانتخابات ليست مجرد صناديق توضع فيها أوراق، ولا مجرّد يوم ننتظر نتائجه، بل هي عقد وطني بين المواطن والوطن، بين الشعب والدولة، فيها نُعبّر عن رأينا ونُحاسب ونُقيّم، ونمنح الثقة لمن نراه جديرًا بها.
يقول الشاعر:
إذا الشعبُ يومًا أرادَ الحياةَ
فلا بُدَّ أن يستجيبَ القدرْ
وهنا يكمن جوهر الانتخابات، إنها إرادة الحياة، إرادة التغيير نحو الأفضل.
يا أبنائي الأعزاء…
من حق المواطن أن يختار، ولكن من واجبه أيضًا أن يحسن الاختيار. فالصوت أمانة، كما أن القلم أمانة، والوظيفة أمانة، وكل ما نحمله تجاه وطننا هو أمانة سنُسأل عنها أمام الله وأمام التاريخ.
لذلك، علينا أن نُربي أنفسنا من الآن على تحمّل المسؤولية، وأن نفكر بعقولنا لا بعواطفنا، وأن نبحث عمّن يخدم البلد لا من يخدم نفسه.
تذكّروا دائمًا قول الإمام عليّ عليه السلام:
"انظر إلى ما قال، ولا تنظر إلى من قال"
فالعبرة بالحقّ، لا بالشخص. وكذلك في الانتخابات، العبرة بمن يملك الرؤية والصدق والنزاهة، لا بمن يرفع الشعارات فقط.
أبنائي…
قد تسألون: وما علاقتنا نحن كطلبة بالانتخابات؟
أقول لكم: أنتم الأساس، أنتم المستقبل، أنتم الذين ستقودون هذا الوطن بعد سنوات قليلة. إن الوعي لا يُزرع في يوم الانتخابات فقط، بل يبدأ من مقاعد الدراسة، من احترام النظام، من أداء الواجب، من قول الحق، من الأمانة في كل صغيرة وكبيرة.
عندما تكون طالبًا منضبطًا، تحترم الوقت، وتؤدي واجبك، وتساعد زملاءك، فأنت تُمارس أولى خطوات المواطنة الصالحة، وهي نفسها القيم التي تقوم عليها الانتخابات الحرة والنزيهة.
في العراق، تعلّمنا أنّ الوطن ما ينحبه بالكلام، بل بالفعل.
فكم من مواطنٍ بسيط، بصوته فقط، غيّر مجرى الأحداث وفتح باب الأمل!
وكم من صامتٍ فرّط بحقّه، فترك الفرصة لغيره ليقرّر عنه!
لذلك أقول: لا تستهينوا بالصوت، ولا تقللوا من قيمة المشاركة، فكلّ صوتٍ هو لبنة في بناء الوطن.
وقد قال أحد الحكماء:
"من لا يهتمّ بشؤون وطنه، يستحقّ أن يُحكم من لا يرحمه."
إخواني وأبنائي…
إنّ الانتخابات ليست صراعًا بين أشخاص، بل هي تنافسٌ بين برامج وأفكار ورؤى. وهي ليست معركة خاسر ورابح، بل هي فرصةٌ لتوحيد الكلمة واختيار الطريق الأنسب لخدمة الناس.
علينا أن نعلّم أبناءنا — وأنتم أولهم — أن نحترم الرأي والرأي الآخر، وأن نبتعد عن التشنّج والتحزّب الأعمى، وأن نحاور بالعقل والحجة لا بالصوت العالي.
فالوطن لا يُبنى بالانقسام، بل بالتعاون، ولا ينهض بالسبّ والتجريح، بل بالصدق والعمل.
"إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا"
ومن هنا، فإنّ الأخلاق في الانتخابات أهم من الانتخابات نفسها، لأنها تعكس مدى نضجنا كمجتمع.
أيها الأحبة…
حين ترى أباك أو أخاك أو أستاذك يذهب ليُدلي بصوته، فاعلم أنّه يمارس حقًا كفله الدستور، وواجبًا تجاه الوطن. فلتكن أنت من الجيل الذي يؤمن أنّ الوطن ليس مجرد تراب وحدود، بل هو كرامة، وانتماء، ومسؤولية.
ولا تنسوا أنّ كلّ تغيير يبدأ بخطوة، وكلّ بناء يبدأ بحجر، وكلّ وطنٍ عظيمٍ بدأ بأناسٍ مؤمنين بفكرة الإصلاح والمشاركة.
إننا اليوم بحاجة إلى وعيٍ ناضجٍ وشبابٍ مثقفٍ يؤمن بأنّ التغيير لا يُفرض من الخارج، بل يُصنع من الداخل، من داخل عقولنا وقلوبنا.
"ازرع فكرة صالحة، تحصد عملًا صالحًا،
وازرع عملًا صالحًا، تحصد وطنًا صالحًا."
أبنائي الطلبة…
كونوا جيل الوعي، جيل المشاركة، جيل الحوار، جيل البناء لا الهدم، جيل التفاؤل لا الإحباط.
احملوا حبّ العراق في قلوبكم، واحملوا رايته في عقولكم، واعملوا من أجل أن تكونوا يومًا من الذين يُختارون لخدمته بأمانة ونزاهة.
وفي الختام، أقول لكم ما قاله شاعر العراق الكبير محمد مهدي الجواهري:
سلامٌ على هضبات العراق
وشطّيهِ والجرف والمنحنى
فليكن هذا السلام عهدًا بيننا وبين وطننا، أن نحفظه بوعينا، ونحميه بمسؤوليتنا، ونبنيه بمشاركتنا.
اللهم احفظ العراق وأهله، واجعلنا من الذين يعملون له بإخلاصٍ وصدقٍ ومحبة.
وصباحكم وطنٌ جميل.

عزيزي المشاهد لا تترك الموضوع بدون تعليق وتذكر ان تعليقك يدل عليك فلا تقل الا خيرا :: كلمات قليلة تساعدنا على الاستمرار في خدمتكم ادارة الموقع ... ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )