📁 مشاركات منوعه

كلمة يوم الخميس بعنوان الانتخابات والمشاركة الوطنية يلقيها المرشد التربوي

كلمة المرشد التربوي في الاصطفاف الصباحي عن الانتخابات والمشاركة الوطنية

خطاب وكلمة يوم الخميس عن الانتخابات والمشاركة الوطنية

كلمة يوم الخميس بعنوان الانتخابات والمشاركة الوطنية يلقيها المرشد التربوي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعلنا من أهل العلم والوعي، ومنّ علينا بنعمة الوطن والأمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ وعلى آله الطيبين الطاهرين.

أبنائي الأحبة، زملائي الأفاضل،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، صباحكم خيرٌ وإيمانٌ ووطنية.

اليوم حديثنا عن معنى من أسمى المعاني، عن واجبٍ وطنيٍّ لا يقل أهمية عن التعليم والعمل، عن الانتخابات، هذه العملية التي تُعدّ امتحانًا حقيقيًا لوعي الشعوب، ومقياسًا لمدى إدراكها لمسؤوليتها تجاه أوطانها.

أنتم تعرفون يا أعزائي أن المدرسة هي المكان الذي يتربّى فيه الإنسان على القيم، على الصدق، والأمانة، والانضباط، وحب الوطن.
وكل هذه القيم هي نفس القيم التي تقوم عليها الانتخابات النزيهة.
فمن لا يحترم النظام داخل صفّه، كيف سيحترمه يوم الانتخابات؟
ومن لا يؤدي واجبه في مدرسته، كيف سيؤدي واجبه تجاه وطنه؟

نحن كمرشدين تربويين نؤمن أن التربية الوطنية تبدأ من السلوك اليومي، من قول الحقيقة، من احترام الآخر، من الالتزام بالقانون، من محبة الأرض التي نعيش عليها.
الانتخابات يا أبنائي ليست حدثًا سياسيًا فقط، بل هي قيمة تربوية، لأنها تعلّمنا معنى الاختيار، ومعنى المسؤولية، ومعنى أن لكل قرارٍ نتيجة.

"من يزرع وعيًا، يحصد وطنًا."

كلمة أرددها دائمًا في جلساتي الإرشادية.
حين نزرع في عقول الطلبة فكرة المشاركة والوعي، فإننا نحمي الوطن من الجهل والتفرقة والتبعية.

يا أحبّتي…
في العراق الحبيب، أرض الأنبياء والأئمة والعلماء، كانت المشاركة دائمًا جزءًا من ثقافتنا.
كان أجدادنا يتشاورون، ويتناقشون، ويُقرّرون معًا.
فالشورى كانت في مجالس العشائر، وفي المجالس الدينية، وفي ساحات القتال.
واليوم، صارت هذه المشاركة تتجسد في الانتخابات الحديثة، لكن المعنى واحد: أن نقول رأينا، أن نتحمل مسؤوليتنا، وأن نشارك في رسم مستقبل وطننا.

قال الإمام علي عليه السلام:
"لا رأي لمن لا يُطاع، ولا طاعة لمن لا يُنصح."

فالمشاركة في الانتخابات هي نصيحة للوطن، نصيحة بالاختيار، نصيحة بالفعل، نصيحة بالأمل.

أبنائي الطلبة،
قد يظن البعض أن الانتخابات لا تخصّ الطلبة لأنهم لم يبلغوا السن القانوني بعد، ولكن الحقيقة أنكم تعيشون مرحلة التهيئة، مرحلة بناء الشخصية الوطنية.
أنتم تتعلّمون اليوم كيف تختارون أصدقاءكم، كيف تميّزون الصح من الخطأ، كيف تقولون رأيكم باحترام — وكلها مهارات يحتاجها المواطن الواعي يوم الانتخابات.

"ما يزرع اليوم، يُحصد غدًا."

واليوم نحن نزرع فيكم حب الوطن، وغدًا أنتم من سيحصد نتائجه في صناديق الاقتراع.

في الجلسات الإرشادية، كثيرًا ما نناقش معنى الانتماء.
فالبعض يظن أن الانتماء هو فقط أن نرفع العلم ونردد النشيد،
لكن الحقيقة أن الانتماء هو أن نخدم الوطن بصدق، أن ننتقد الخطأ من أجل الإصلاح، لا من أجل الهدم.

الانتخابات هي فرصة للإصلاح، وليست ساحة للخصام.
هي وسيلة نبيلة لاختيار الأفضل، لا لإسقاط الآخر.
هي مساحة للحوار، لا للعداء.

وأنا دائمًا أقول للطلبة:

"الوطن ما يريد من عندك غير أن تكون صادق."

صدقك في قولك، في عملك، في نيتك، هو أعظم تصويت تقدّمه لوطنك.

أيها الأبناء،
لقد عانى العراق الكثير في تاريخه الحديث: حروب، أزمات، تحديات.
لكن ما أبقى العراق واقفًا هو إيمان أهله به، وإصرارهم على أن يكون لهم صوت ورأي.
ولذلك، كل مرة تُجرى فيها انتخابات، فهي ليست مجرّد عملية إدارية، بل عرس وطني يعبّر فيه الناس عن حبهم للعراق بطريقتهم الخاصة.

نعم، الانتخابات ليست مثالية دائمًا، وقد تتخللها صعوبات، ولكن الحل ليس في الابتعاد، بل في التصحيح والمشاركة.
من يترك الساحة، يتركها لغيره.
ومن يسكت اليوم، قد يندم غدًا.

قال الشاعر:
بلادي وإن جارت عليّ عزيزةٌ
وأهلي وإن ضنّوا عليّ كرامُ

فمهما اختلفنا أو تعبنا، يبقى العراق هو البيت الذي لا بد أن نحميه.

أيها الطلبة،
تعلموا منذ الآن أن الكلمة مسؤولية، وأن الصوت أمانة.
فلا تصوّتوا يومًا بدافع العاطفة أو الطائفية أو المصلحة الشخصية، بل بدافع المصلحة العامة، لأن من يحب العراق لا يختار إلا من يخدمه.

"اختار المخلص، مو المصلحجي."

هذه الجملة أقولها دائمًا في جلسات الإرشاد، لأنها تختصر الوعي السياسي الصحيح.

يا أبنائي الأعزاء،
العراق بحاجة إليكم، بحاجة إلى وعيكم، بحاجة إلى أن تكونوا جيل الحوار والاحترام.
دعونا نتعلّم أن الاختلاف لا يعني العداء، وأن النقاش لا يعني الخصومة، وأن المشاركة لا تُلغي أحدًا، بل تُعطي الجميع فرصة.

في الانتخابات، لا يوجد فائز وخاسر بمعنى الخصومة، بل يوجد وطنٌ رابح حين نمارسها بنزاهة.

قال المتنبي:
إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ
فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ

فلنطمح أن يكون وطننا في أعلى المراتب، ولنبدأ من أنفسنا، من وعيِنا، من سلوكِنا اليومي في المدرسة، في البيت، في الشارع.

يا أبنائي،
كونوا جزءًا من الحل، لا جزءًا من المشكلة.
فكلّ تلميذٍ واعٍ، وكلّ شابٍّ متعلّمٍ، هو أمل العراق، وهو الناخب والمصلح القادم.

ولا تنسوا أن التغيير لا يأتي دفعةً واحدة، بل يبدأ بخطوة.
قد تكون تلك الخطوة هي كلمة صدق، أو مشاركة في حملة توعية، أو تعليم الآخرين معنى النزاهة.

"ابدأ بنفسك، يكون وطنك بخير."

وفي الختام،
دعونا نرفع رؤوسنا عاليًا، ونقول بثقة:
نحن نحب العراق، وسنخدمه بعقولنا قبل أيدينا.
نحن نؤمن بالانتخابات كطريقٍ نحو الإصلاح، وبالوعي كطريقٍ نحو النهضة.

اللهم اجعلنا من الذين يقولون فيُخلصون، ويعملون فيُصلحون، ويحبّون فيُعطون.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعليقات